لعشرات السنين انبهر الأطفال بما تفعله "السبانخ" بعضلات "باباي"
في كارتونه الشهير، الذي يمنحه قوة خارقة لإنقاذ "زيتونة" باستمرار، على الرغم من كل هذا الحب من باباي للسبانخ الذي كان يتناولها كما لو كانت مشروب
طاقة أو عصير حلو المذاق، لم تنجح في إثارة إعجاب الأطفال أنفسهم حين فكروا في
تجربتها.
الحقيقة أن الأطفال أنفسهم صاروا آباء وأمهات لا يملكون طرق اقناع لأطفالهم
ليحبون هم أيضًا السبانخ.. ولا حتى من باب أنها كنز من الحديد، فبقى السؤال مطروحًا سنوات، لماذا كل هذا الرفض لتلك النبتة الحضراء التي
اكلناها رغمًا عنا من اهالينا مطبوخة بالصلصة؟
من هو باباي؟
"باباي"
شخصية خيالية كرتونية تظهر في الرسوم المتحركة وفي شريط القصص المصورة في الصحف
والمجلات، ابتدعها الأمريكي "إلزي سيغار"؛ حيث ظهرت أول مرة في شريط
الرسوم الهزلية في صحيفة كينج فيتشر في 17 يناير عام 1929.
لماذا السبانخ؟
في نهاية القرن الـ19 حسب مانُشر في الصحف عن هذا الكرتون بالتحديد
وارتباطه بالسبانخ، أن أحد المختصين كتب مقالا عن الخصائص الغذائية للسبانخ إلا أنه
أخطأ في موضع الفاصلة العشرية لمحتوى عنصر الحديد في السبانخ، فظهر وكأن محتواه
يفوق أنواع الخضار الأخرى بعشرة أضعاف، فانتشرت تلك المعلومة الخاطئة بين الناس سريعًا على اعتبار أن السبانخ يمنح
القوة فكانت الأمهات يحرصن على تناول أبنائهن لوجبات تتضمن السبانخ، ففكروا في ترسيخ الفكرة مع باباي الذي تحول لكارتون تليفزيوني بسسبب السبانخ.
غلطة اكتشفوها بعد
سنوات
لم يتم اكتشاف الخطأ – محتوى الحديد في السبانخ - إلا بعد سنوات وكانت
المعلومة الخاطئة قد انتشرت في العالم أجمع، ولم يلتفت معظم الناس إلى أن السبانخ تحتوي
على عنصر الحديد بكمية قد تزيد بنسبة
ضئيلة جدًا عن أنواع الخضار الأخرى ولم تكن تشكل فارقًا؛ حيث اكتشفوا علميًا بعد
ذلك أن قابلية حصول جسم الإنسان على عنصر الحديد من الخضار محدودة، وليست كقابليته
مع اللحوم.
السبانخ ليست أقوى طعام فيه حديد
لتأتي بعد ذلك أحدث الدراسات على «السبانخ» لتؤكد أن الطعام الذي يكون
مصدرًا جيدًا للحديد لابد أن يكون الـ100 جرام منه، يحتوي على 15% على الأقل من
الاستهلاك اليومي للحديد، ولكي يتم تصنيفه بأنه أقوى طعام، فلابد من مضاعفة هذا
الرقم.
فعلى سبيل المثال محتوى الـ100 جرام من السبانخ يكون بين 2.1 – 2.7 مل
جرام، وهذا يقل بكثير عن النسبة المطلوبة ليكون هو أقوى وجبة غنية بالحديد، فهو صحيح
هو يحتوي على حديد، لكن بنسبة قليلة جدا.
لكي نحب السبانخ
ولأن طعمها فيه
مرارة لم يحبها أغلبنا، تحايلت الأمهات وخبراء الطبخ في ابتكار أفكار مختلفة من
أجل استطعامها بشكل أفضل، فوضعوا عليها الباشميل أو بيض العيون المقلي، فلم
ينجحوا أيضًا في أن نحبها وأكلنا البيض المقلي وتركنا السبانخ كما هي.. رفضها أغلب الأطفال واحبها "باباي"
وحده من أجل زيتونة.