هل تذكرون فيلم أشرف عبد الباقي مع إلهام
شاهين "خالي من الكوليسترول"؟،
ذلك الفيلم الذي
لعب فيه شخصية "أيوب" الذي يعمل لدى شركة إعلانات، في وقت لم تكن فيه
ثقافة الإعلانات و"الماركتينج" منتشرة بشكل كبير، وفي أحد المشاهد
المهمة من الفيلم، اصطحب "أيوب" والدته، التي قامت بدورها إلهام شاهين، لتكون
معه أثناء تصوير إحدى الإعلانات لشركة لبن، وحين همت والدته
أن تشرب اللبن ظنًا منها أنه كذلك، دار هذا الحوار:
- أيوب: ده مش لبن يا ماما ده بوية.
- ماما: غشاش وبتكدب!
- أيوب: يا ماما أنا
ما بكدبش، بصي حضرتك اللبن أهه شكله بيبقى خفيف قدام النور فعشان كده بنعمل بوية
أكنها لبن يعني!.
ومن وقتها انتبه
الناس لفكرة أن ما نراه على الشاشة لا يمت للواقع بصلة، وأن شكل اللبن وهو ينزل
إلى الكوب في إنسيابية ليس بالضرورة أن يكون لبن حقيقي، وأن شكل الفرخة المحمرة في
إعلانات السمن هي نيئة في الأساس، وهي حيل ربما عرفناها منذ زمن، لكننا ما زلنا نصدقها
وتٌفتح شهيتنا من مجرد مشاهدة صور لمنتجات لا تشغلنا تفاصيلها بقدر ما يهمنا
"ها مين يطلب معانا"، وهو المطلوب
اثباته، فجزء من تسويق المنتج أن تشتريه، لا أن تفكر في طريقة إعداده.
هل تصوير الطعام
في تلك الإعلانات خدعة أم بيزنس؟، وما هي تلك الخدع التي ربما لن تصدقها مع أكثر
المنتجات المحببة لك؟ هذا ما سنعرفه في هذا التقرير.
شغلانة الفود
ستايلست
على مر العقود
الماضية تطورت أساليب الإعلان في قطاع الأغذية كثيراً، حيث انتقلت الدعاية من
مجرد رسوم يدوية مع كلمات مختارة على علب معدنية أو بلاستيكية إلى صناعة تدر
الملايين، وتستخدم فيها أجهزة تصوير وإنتاج بصري فائقة التطور، حتى أن تلك
الصناعة، اخترعت من أجلها مهنة "الفود ستايلست"، تلك المهنة التي لم تكن
موجودة بشكلها الحالي قبل عشر سنوات تقريبًا، لكنها أصبحت الآن مهنة قائمة بذاتها،
يدفع من أجلها الآلاف، فبصورة واحدة لوجبة إحدى المطاعم قد يحقق بسببها أرباح لا
تَصدق، أو يفشل إلى الأبد، فالعين تأكل أولا.
حلقة الوصل
الأهم
تقول هبة عبد
العليم واحدة من أشهر الـ"فود استايلست" في مصر عن أهمية تلك المهنة
التي قررت بسببها أن تترك مجال المحاسبة: "الفرق بين صور الطعام وحقيقة ما
يكون عليه عند التقديم جعلنى أفكر أن هناك حلقة مفقودة بينهما أريد تعلمها، فصورة
الطعام التي نراها تختلف تمامًا عن الطعام العادي الذي يخرج من مطابخنا، وهذا من
الممكن أن يكون سر انجذاب الناس لمطاعم معينة، فبجانب تقديمي لوصفات جديدة تساءلت:
لماذا لا تكون لدى طريقة وأسلوب مختلف فى تنسيقها وظهورها للناس؟، الأمر ببساطة
أننى كنت أريد نشر صورة مصاحبة للوصفة التى أقدمها على صفحتي؛ خصوصًا أن صور
الطعام وشكله أمرٌ لا يقل أهمية عن طعمه، وحاجتي لتلك الصورة هو ما جعلني "فود
ستايلست" من بين حوالي 50 شخص تقريبا يمتهنون هذا المجال".
مش خداع ده
تسويق
الفوود ستايلنج أو منسقين الطعام، يتعاملون مع فكرة التصوير
أنها من صميم "الشغلانة"، ولا يفكرون أنهم يخدعون "الزبون"،
فالأهم أن يقتنع ويقبل على شراء المنتج أو الوجبة، وهو جزء من أفكار الشركة التسويقية التي يتقاضون منها أجر.
إيه هي عدة
الستايسلت؟
لن تصدق أن
أدوات من الميكياج مثل المساكرا والكحل والروج من أهم أدوات منسق الطعام، ليس ذلك وحسب، إنما أيضًا
يستخدمون "البوية" وورنيش الأحذية والقطن والمقصات، ومعجون الحلاقة،
وإسبراي تثبيث الشعر، والكرتون وخلة الأسنان، وغيرها من بعض الأدوات المختلفة.
الجرير مش باين
كفاية والعيش لازم يتقص
وتابعت الفود ستايلت نهى مجدي: تقول لنا :
"أصلًا حتى لو الأكل شكله حلو، بيجي قدام الكاميرا ويبقى مش أفضل حاجة،
والكاميرا بتلقط الديفوهات، فمهما كانت جودة الأكل، يهمنا صورته مش طعمه، مثلًا تلاقي العيش أكبر من البرجر ومغطي عليه، أو
الجرجير مش باين كفاية، هنا دور الفوود ستايلست وممكن نحشي قطع قطن أو مناديل جوة
البرجر ونرشه تاني، عشان يبان أكبر ويكون شكله أحلى، بس في الآخر ما بيتاكلش طبعًا،
من كتر ما اتلعب فيه".
البرجر أصعب
حاجة بتتصور
بمناسبة
سندوتشات البرجر، أضافت "نهى"، إنه يعتبر من أصعب الأطباق التي تحتاج إلى
دقة في تصويرها، بسبب تعدد طبقاته ومكوناته وترتيبها وأهمية أن تظهر كل طبقة بوضوح
وبشكل شهي، وهو الأمر الذي قد يحتاج من ربع
ساعة إلى ساعة، حسب حجم كل ساندوتش ومحتوياته.
أول إعلان مخادع
في التليفزيون
في سنة 1970
رفعت لجنة التجارة الفيدرالية في أمريكا قضية على شركة اسمها Campbell
Soup،
بسبب أنهم وضعوا قطع زجاج في الشوربة في إعلان تلفزيوني ضمن حملتهم Soup is Good Food، وفي دفاع الشركة عن
نفسها قالوا إنهم فعلوا ذلك لكي تظهر مكونات الشوربة على السطح وتظهر بشكل أوضح، لكن ذلك لم يبرر "إعلانهم الكاذب" حسب ما وصفتهم المحكمة وقتها قبل
الحكم بإزالة الإعلان نهائيًا وتغريم الشركة، وقضت اللجنة بعد
ذلك مدة طويلة تحاول تقنين فكرة المبالغة في إعلانات الأكل، ومع الوقت توصلت إلى أن العنصر
الرئيسي في الإعلان، الظاهر للناس لا يجوز التلاعب به مهما كان، أما لو كان أجزاء
لا تُرى فلا مانع!.
أشهر حيل خداع تصوير إعلانات الأكل
1- الصابون السائل: حيث يستخدم عند التقاط صورة للقهوة أو الحليب أو المياه الغازية، من أجل الحصول على
رغوة طبيعية.
2- الصمغ الابيض: للإعلان عن
الحليب يتم استخدام الصمغ ليعطيه كثافة ولون أقرب إلى الطبيعي، خاصة أن
اللبن كثافته قليلة ولونه فاتح بعض الشىء، كما أن رقائق الذرة وحبوب الفطور تنغمر
بسرعة في الحليب وتغوص إلى أسفل الإناء، لذا بدلًا من استخدام الحليب يتمّ وضع
الغراء الأبيض في الإناء، فتبقى الحبوب بذلك في الأعلى وتحافظ على شكلها.
3- الورنيش: يستخدمه المعلنون في الإعلان عن البرجر والأكلات المشوية حتى تعطيه لمعة مميزة تبرز لونه
وشكله.
4- جلوكوز: بعد طهى
المكرونة والنودلز الصينى يجف لونها سريعًا لذلك يستخدم المصورون الجلوكوز ليعطيها
شكل سائل وجذاب.
5- جليسرين: تفقد المأكولات
البحرية بريقها بشكل سريع جدًا، ويستخدم المصورون والمعلنون الجلسرين حتى يعطوها
لون وبريق قريب من الطبيعى يحافظ على شكلها.
6-زيت المحركات: تمتص الفطائر
الحشوات والسيرب بشكل سريع جدًا، لذلك يستخدم زيت المحركات ويُرش عليه حتى يعطيها
شكل مميز.
7-الكرتون داخل
قطع الكيك: حتى تحتفظ قطع
الكيك بمنظرها الجذّاب يضع خبراء تصوير الطعام قطعًا من الكرتون داخلها
ويثبّتونها بخلة الأسنان، ثمّ يغطون الكرتون بالكريمة.
8-البطاطا
المهروسة بدلًا من الأيس كريم: حيث يذوب الآيس كريم
بسرعة تحت أضواء الاستوديو الساخنة، لذا يستبدله المصوّرون بالبطاطا المهروسة
الملوّنة، أو عجينة النشا أو عجينة السكّر المجمّدة أو غيرها من المواد صعبة
الذوبان.
كريم الحلاقة بدل الكريم شانتيه
الفراخ تدهن بالورنيش لتصبح بهذا اللون البني الجذاب
All rights reserved. food today eg © 2022