"أصول المحشي"... قصة مأكولات تراثية مصرية تأثرت بالحقبة العثمانية

A A A
"أصول المحشي"... قصة مأكولات تراثية مصرية تأثرت بالحقبة العثمانية
"المحشي" واحدًا من الأطعمة التي تحمل في طياتها تراثًا غنيًا وتاريخًا طويلًا في المطبخ المصري.

وعلى الرغم من انتشاره في العديد من الدول العربية، إلا أن "المحشي" بتلك النكهة الفريدة والخلطة المصرية الخاصة به، يظل حقلًا مميزًا للطهاة ومحبي الطعام في مصر، ليس ذلك فقط بل وجعلته وجبة مرتبطة بالمصريين وبأعيادهم أيضًا.

أصله "تركي"
عند رؤية هذا الارتباط، لعلك يأتي في خاطرك أنه تم ابتكاره في مصر، إلا أنه في الحقيقة، وفقًا لما قاله بعض المؤرخون، عرف الشعب المصري "المحشي" للمرة الأولى أثناء فترة الحكم العثماني على مصر، وتحديدًا في أواخر القرن السادس عشر.

وكان يُسمى في بداية الأمر "دولمة" أي (الخضروات المحشوة بخلطة الأرز المتبلة مع اللحم المفروم).

"أطباق الموت والضحك".. رحلة المصريين في اكتشاف سرّ محشي الوالي
وفي قصة تراثية طريفة تداولها المصريون، فإن أول طبق «محشي» تم تقديمه للمصريين، كان في قصر الوالي العثماني، حيث كان الوالي يعقد كل فترة اجتماع بأثرياء وأمراء مصر داخل قصره.

وفي إحدى المرات كانت الوليمة تتضمن «الدولمة»، ولكن عندما رأى المصريون هذا الأمر ظنوا أن الوالي سيقتلهم بالسم، بعد اعتقادهم أنه ورق شجر مسموم، ولم يتناولونه إلا بعد أن اكل الوالي بنفسه.

"لمسات مصرية على مائدة العثمانيين"
وبالطبع يمكنك الاستنتاج لما حدث بعد ذلك، بعد أن تذوق المصريون هذه الخلطة الرائعة، انتقل إليهم، حيث قاموا بترك بصمتهم التراثية، وإضافة بعض الإضافات التي ميزته بما يتوافق مع تقاليدهم الفريدة.

فـ أضاف المصريون الخضروات إلى خلطة الأرز المتبل، ولكنهم لم يضيفوا اللحم المفروم إلى الأرز، بل قرروا إضافة نوع من اللحوم كطبق رئيسي يُقدم بجانب المحشي.

بفضل هذه التحولات والإضافات، أصبح المحشي لا يُقاوم لدى المصريين، وكان له تأثير كبير في تحديد هويتهم الغذائية الفريدة.

"من قصر العثماني إلى غناطة المأكولات".. رحلة المحشي في المطابخ العربية
ولا يتوقف وجود «المحشي» في مصر فقط، فقد أدخل الأتراك هذه الأكلة إلى عدة دول كبلاد الشام والعراق وتركيا، وله عدة أسماء من بينها «يبرق»، «ورق الدوالي»، «ورق العريش»، «صارما»، «دولمة»، أما في مصر أطلقوا عليه «المحشي».

ومع وجودها في هذه الدول، اختلفت الخلطة المستخدمة من دولة إلى أخرى، ففي الشام تكثر فيها التوابل والأعشاب، ولكن المصرية فقد أضافت نكهتها الخاصة عليه. 

وبهذه الطريقة، يظل "المحشي" ليس مجرد وجبة، بل هو رمز للتنوع الثقافي والتبادل الغذائي الذي يتجاوز الحدود، حيث تحمل كل دولة بصمتها الخاصة، وتشكل تجربة ذواقة متميزة لمحبي الطعام حول العالم.

أقرأ أيضًا: "رحلة الحواوشي في مصر"... سر انتقل من الأحياء الضيقة إلى جميع محافظات مصر

All rights reserved. food today eg © 2022