في خضم تفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي، تصاعدت موجة من القلق الشعبي عقب تداول مقاطع ومنشورات تزعم وجود كميات من عسل النحل المغشوش في الأسواق المصرية، وقد رافقت هذه المزاعم اتهامات بتدني الجودة وارتفاع نسب السكروز بما يتجاوز الحدود المسموح بها، ما دفع الجهات المعنية إلى التحرك سريعًا لتوضيح الحقائق والرد على المعلومات المغلوطة.
مصادر مجهولة
كشفت الهيئة القومية لسلامة الغذاء أن ما تم تداوله من نتائج تحليلية استُند فيها إلى عينات مجهولة المصدر تم نقلها من عبواتها الأصلية إلى أخرى غير مخصصة للحفظ، ما أفقدها الخصائص الطبيعية للعسل وأثر على نتائج الفحص. وأكدت الهيئة أن هذه الطريقة لا تتوافق مع المعايير العلمية أو الرقابية، حيث تُسحب العينات الرسمية فقط بواسطة الجهات المختصة وتُحلل في معامل معتمدة تضمن النزاهة والدقة.
وأضافت الهيئة أن أي نتائج تستند إلى عينات غير موثقة لا يُعتد بها ولا يمكن اعتبارها مؤشرًا حقيقيًا على جودة المنتج أو سلامته، داعية إلى عدم الاعتماد على فحوصات غير معترف بها أو نشر نتائجها دون الرجوع للمصادر الرسمية.
السكروز.. مغالطات علمية
أحد المحاور التي أثارت الجدل تمثلت في الحديث عن نسبة السكروز المسموح بها في العسل الطبيعي، حيث تداول البعض معلومات تفيد بأن النسبة يجب ألا تتجاوز 5%. وهو ما نفته الهيئة القومية لسلامة الغذاء، مشيرة إلى أن المواصفة القياسية المصرية (355-1/2005)، ومواصفة هيئة الكودكس العالمية (CXS 12-1981/2022)، تسمح بنسبة تتراوح بين 5% إلى 15%، حسب نوع العسل ومصدره النباتي.
وأكدت الهيئة أن الكشف عن "غش فعلي" في العسل لا يتم بتحليل نسبة السكروز وحدها، بل يحتاج إلى تحاليل متقدمة مثل تحليل نظائر الكربون (C13) وتحليل السكريات المُضافة، وهي فحوص لا تُجرى إلا بمعامل معتمدة وعلى عينات رسمية موثقة.
"المواد الغذائية": بلبلة تضر بالأسواق وثقة المستهلك
من جهته، وصف حازم المنوفي، رئيس جمعية "عين" لحماية التاجر والمستهلك وعضو شعبة المواد الغذائية باتحاد الغرف التجارية، ما حدث بأنه حملة تشويه غير مسؤولة تفتقر لأي أساس علمي.
وقال إن المعلومات المتداولة تسيء لصناعة العسل المحلية وتُضعف ثقة المستهلك في منتجات مصرية تخضع لرقابة صارمة وفحوص دورية من الجهات المعنية.
وأضاف المنوفي: "من غير المقبول الاعتماد على عينات غير معروفة المصدر أو طمس بيانات الإنتاج، ثم تقديم نتائج غير موثوقة للرأي العام. هذه الأساليب تفتقر إلى المهنية العلمية وتفتح الباب للتشكيك في جودة سلع غذائية وطنية ذات سمعة طيبة."
توصيات للمستهلكين
وسط هذا الجدل، شددت الجهات الرقابية على ضرورة تحري الدقة عند تداول المعلومات المتعلقة بسلامة الغذاء، مشيرة إلى أهمية شراء العسل من مصادر موثوقة تحمل بيانات واضحة وموثقة كرقم التشغيلة وتاريخ الإنتاج، مع تجنب المنتجات المجهولة أو غير المطابقة للمواصفات.
كما دعت الهيئة المواطنين إلى التواصل عبر القنوات الرسمية في حال وجود شكاوى أو استفسارات، مؤكدة التزامها الكامل بحماية صحة المستهلك وتطبيق أعلى معايير الجودة والسلامة في الأسواق المصرية.