أسرار تفوق وأصالة المطبخ المصري في عصر «الفاطميين».. «شهادة سورية لازم تعرفها»

يحاول البعض نزع صفة التطور والأصالة عن المطبخ المصري، وذلك بمقولة: «إن أغلب الأكلات في المطبخ المصري هي دخيلة من مطابخ أخرى بعضها عربي وبعضها أوروبي جاءت مع الحروب المتعددة وبسبب حركة التجارة».

إلا أن هناك مصادر قديمة تؤكد أصالة المطبخ المصري، أبرزها ما كشفه الباحث والمؤرخ السوري حبيب الزيات خلال الفترة ما بين 1872 - 1954م، وهو واحد من رواد البحث العلمي في التاريخ الإسلامي، ويعد من أوثق مؤرخي الشرق في العصر الحديث، سافر للإسكندرية للعمل بالتجارة، وبعد ذلك تفرغ للبحث والكتابة والاطلاع على المخطوطات والمصادر التاريخية في مكتبات مصر ودمشق وباريس والعواصم الأوروبية.

أصالة المطبخ المصري

مبادرة «أسرار المطبخ المصري» استشهدت بعدة مصادر منها كُتب «السلوك لمعرفة دول الملوك» و«المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار» للمقريزي، وأيضا كتاب «الكامل في التاريخ» لابن الآثير، وكتاب «الاعتبار» لأسامة بن منقذ، وكتاب «وصفة الطيبات والطيب».

وفي مقال للباحث حبيب الزيات نُشر بمجلة المشرق في عددها الصادر بيناير 1947 تحت عنوان «فن الطبخ وإصلاح الأطعمة في الإسلام»، قال في كلامه عن مصر: «تضافرت الدلائل على أن فن الطبخ كان شائعا في عهد الفاطميين وله من الاعتبار ما لا يقل عما كان له فى العراق، ولكثرة المواسم والأعياد التي كان يحتفل بها في مصر ويجلس فيها الخلفاء للناس وتمد لهم غرائب الأسمطة ونوادر الاطعمة، واشتهرت قصور الفاطميين بكثرة من تعلم فيها من الجواري فنون الطباخ ولهن في الطبخ صناعة عجيبة ورئاسة متقدمة».

 

 مصر تتفوق على بغداد
تفوقت مصر على بغداد فيما خرج منها من الطباخين والطباخات، وبحسب مبادرة «أسرار المطبخ المصري»، كان نصر الدولة أحمد بن مروان الكردي صاحب ديار بكر الذي مات عام 1061م عندما أراد أن يبلغ طهاته أقصى الغاية في إجادة الطبخ لم يفكر في بغداد وهي أقرب إليه بل أرسل طباخيه إلى مصر ليتعلموا أنواع الأطعمة.

 

وقال الباحث حبيب الزيات، إن الأمير السوري أسامة بن منقذ الذي مات 1188م، بقى في مصر أيام الملك الأشرف بن الملك العادل بقية من جواري الخلفاء الفاطميين كان لا يأكل إلا من طعامهن وطبيخهن.

 

وقال مؤلف كتاب الوصلة للحبيب في وصفة الطيبات والطيب «صفة كحك حافظية كانت تعمله الحافظية جارية جدي الملك العادل»، وقال في كلامه على الكباد والمخلل المراكبي: «نقلته من دار السلطان الملك الكامل من جواري الخلفاء والقصوريات».


بورتريه من القرن العاشر يوضح شكل الطعام لدى المصريين