العودة للطبيعة أم موضة للأغنياء؟.. هل الأكل الصحي والأورجانيك أصبح واقعاً في حياة المصريين؟
الأحد , 14-09-2025 11:00 م
AAA
الأكل الصحي
في السنوات الأخيرة، شهدت مصر تحولاً ملحوظاً في وعي المستهلكين نحو الأكل الصحي والمنتجات الأورجانيك. لم تعد فكرة "الأكل الصحي" مجرد مفهوم غريب، بل أصبحت ترندًا يتبعه الكثيرون، وتشهد محلات الأطعمة الصحية انتشاراً متزايداً. لكن هذا التحول يطرح تساؤلاً جوهرياً: هل الأكل الصحي هو توجه حقيقي في المجتمع المصري، أم أنه مجرد موضة تقتصر على شريحة معينة من الأفراد؟
في البداية، لا يمكن إنكار أن الوعي الصحي قد ازداد بشكل كبير. فمع انتشار المعلومات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أصبح الناس أكثر إدراكاً لأهمية المكونات الطبيعية، وتجنب المواد الحافظة، وتأثير الأطعمة المصنعة على الصحة. هذا الوعي دفع الكثيرين للبحث عن بدائل صحية، سواء كانت منتجات أورجانيك خالية من المبيدات، أو أطعمة طبيعية يتم تحضيرها في المنزل.
ولكن، العقبة الأكبر التي تواجه هذا التوجه هي التكلفة المادية. فأسعار المنتجات الأورجانيك عادة ما تكون أعلى بكثير من أسعار المنتجات العادية، مما يجعلها بعيدة عن متناول معظم الأسر المصرية. الكيلو جرام من الخضروات الأورجانيك قد يكلف ضعف أو ثلاثة أضعاف سعر نظيره العادي، وهذا يفرض على المستهلك اختياراً صعباً بين صحة عائلته وميزانيته المحدودة.
هذه المشكلة فتحت الباب للعديد من المشاريع الصغيرة والمتوسطة التي تقدم وجبات صحية بأسعار معقولة، بالإضافة إلى المبادرات التي تشجع على الزراعة المنزلية. ومع ذلك، يظل الأمر يواجه تحديات كبيرة تتعلق بالتوزيع والتسويق، مما يجعله غير كافٍ لسد الفجوة الكبيرة في السوق.
في المقابل، يرى البعض أن الأكل الصحي ليس حكراً على المنتجات الباهظة. فالمطبخ المصري غني بالوصفات الصحية التي تعتمد على الخضروات الطازجة والبقوليات. إن العودة إلى الأكلات المصرية التقليدية، التي كانت أساس تغذية أجدادنا، قد يكون الحل العملي والأقل تكلفة للحفاظ على صحتنا.
وفي النهاية، فإن تحويل الأكل الصحي إلى واقع متاح للجميع يتطلب جهودًا مشتركة. فالحكومة عليها دور في دعم المزارعين وتشجيع الإنتاج المحلي، والشركات عليها دور في تبني ممارسات أكثر استدامة وتقديم منتجات بأسعار تنافسية. أما المستهلك، فعليه أن يختار بحكمة، وأن يدرك أن الصحة ليست مجرد موضة، بل هي استثمار طويل الأمد في حياته.