بمناسبة اقترابنا من شهر رمضان أول ما يخطر في بالنا "هنجيب كنافة من عند مين"، واحدة من أشهر الحلويات الرمضانية التي لم يختلف عليها أحد، تأكلها نابولسية، تأكلها بالقشطة أو بالمانجو أو بالنوتيلا أو سادة بالعسل ورشة مكسرات، ستبقى الكنافة علامة مسجلة لحلويات رمضان، حتى أننا لا نأكلها إلا في هذا الشهر بالتحديد، ولكن ماذا تعرف عن أقدم مكان في مصر اشتهر بصناعة الكنافة؟
في قلب ميدان
السيدة زينب بوسط القاهرة، تتزين الشوارع وتنتشر المحال والخيام المخصصة لبيع
الفوانيس والياميش، احتفالًا بقدوم الشهر الكريم، وفي أحد جوانب ميدان السيدة، يقع
محل "عرفة الكنفاني"، أحد أقدم محال الكنافة في مصر منذ 1870، ومن وقتها وإلى
الآن مازال لـ "عرفة الكنفاني" بصمة مميزة في صناعة الكنافة بحي السيدة،
أكثر من قرن ونصف، ورغم التغييرات الزمانية والمكانية وكل شيء حوله، لكنه ظل
محتفظًًا بجودة منتجه ومبتكرًا أنواعًا مختلفة تربط زبائنه به.

تعود قصة
كنافة عرفة إلى عام 1870 ـ كما رواها صاحب المحل الحاج عمرو عرفة – من نسل الحاج عرفة
الأول - في إحدى اللقاءات على قناة ON، حين أتى "الحج عرفة" بالكنافة من الشام، موطن
ظهورها الأول ـ كما نعرف، فأحد أصول العائلة شوام، أتى بها إلى مصر بسر صنعتها، وبمجرد فتح
أول محل له في مكان سكنه السيدة زينب، أتى بالعمالة التي علمها سر المهنة، ليشرف
عليهم في مراحل الصناعة، ويصبح الجد أول من صنع الكنافة في مصر.

كان المحل في
أول الأمر بجوار مسجد السيدة زينب، ثم انتقل إلى الميدان نظرا للتغيرات التي طرأت
على المنطقة يقول "عمرو عرفة": "إحنا الأصل، وماعندناش أي فروع
تانية، لأن فيه ناس لما بتلاقي اسم مشابه بتفتكر لينا فروع، صحيح بدأت صناعة
الكنافة بشكل يدوي بشكلها المعروف في الأفلام، لكن بفضل التكنولوجيا تحولنا في صناعتها
إلى الإنتاج الآلي، ليصبح وجودها طول العام، حتى لو كان حضورها بشكل مكثف أكثر في
رمضان، لكنها لا تنقطع عن المحل طوال العام، والسيدة معروفة بعرفة الكنفاني".

هذا المحل
العتيق الذي يقدم منتجاته للزبون قبل نضجها أو بعد تجهيزها، حسب الرغبة، زاره
العديد من المشاهير على مر الزمان أبرزهم فريد شوقي وأبنائه، وأحمد راتب، ونشوى
مصطفى وغيرهم الكثير.
الحاج عمرو قال، إن صناعة الكنافة تطورت من خلال عمل أشكال متعددة من الفطائر المحشوة باللحوم
والجبن أو المحلاة بالعسل والسكر.

ومع كل التكنولوجيا
التي أصبحت تحاوطنا، مازال الحاج عمر يفتقد المشهد الذي كان يتفنن فيه "صنايعي"
الكنافة في صب دوائر عجين الكنافة على سطح الفرن البلدي، وبلفات محسوبة يمسك
العجين السائل فى يده، ينسج خيوطا رفيعة دائرية على صاج الفرن، حتى تصبح سلاسل من
الفضة البيضاء اللينة، ويتحول العجين إلى سلاسل مسبوكة من الذهب فى بريقها
ولمعانها. ليؤكد فى حزن شديد أن الكنافة الآلى أو الماكينات التى تنتج كميات أكبر
أثرت بشكل كبير على أصل الصنعة وبهجتها.
All rights reserved. food today eg © 2022