في
الوقت الذي يتبارى فيه الطهاة في العالم العربي على الحصول على لقب الأفضل بأشهر
المسابقات العالمية، هناك بعضهم لا يحتاج إلى المنافسة، حين وُضع على الطريق الذي
ضمن وجود اسمه على قائمة الأنجح على الأقل، مقياس الأنجح هنا الوصول إلى العالمية،
والبقاء فيها، أسماء لمعت في سماء المطابخ العالمية ليثبتوا أنهم الأكثر تأثيرًا،
من بين تلك الأسماء السورية الجميلة زينة عبود، التي لم يتبادر إلى ذهنها ولا مرة
يوم أن أجبرتها ظروف الحرب في بلدها سوريا، أن تلجأ مع غيرها إلى أوروبا وتؤسس
شركتها الخاصة "زينة كيتشن"، بل وتكون الطاهية التي أطعمت ملكة هولندا
والعائلة المالكة.
في "Food Today" نعرض لك قصة هذه
الطاهية الماهرة، التي شرفت الطهاة العرب عالميًا.
كيف
سافرت إلى هولندا؟

تقول
زينة في إحدى حواراتها التليفزيونية، إن ظروف الحرب في بلدها سوريا أجبرتها إلى
اتخاذ قرار الهجرة عبر قوارب الموت من تركيا باتجاه هولندا بحثًا عن مستقبل وحياة
أفضل لها ولأولادها، لكنها لم تتوقع في يوم ما أنها ستعمل في مجال الطهي خصوصًا
بعد تخرجها في كلية الاقتصاد من جامعة حلب وعملها كمديرة تسويق لإحدى الشركات، لستقر
بها الحال بين ليلة وضحاها في المخيمات المخصصة للاجئين في هولندا، وبعد عدة أشهر
بدأت بالمساعدة في إعداد الوجبات لكي تخرج من حالة الاكتئاب وتكون لها نقطة انطلاق
لشيء إيجابي في حياتها، فكانت تطبخ لأكثر من 900 لاجئ في مخيمها، ومن هنا بدأت الرحلة.
وكيف
وصلت لوسائل الإعلام الهولندي؟

بعد
فترة قليلة قررت "عبود" الاعتماد على نفسها وبدأت بتأسيس شركة صغيرة
باسم «زينة كتشن» وتخصصت بالطبخ السوري الحلبي والأرمني تحديًا لتجهيز الأطعمة
لقاعات المؤتمرات والبوفيهات، كانت أول فاتورة لشركتها تخص ملكة هولندا والعائلة
الملكية، تحكي عن تلك المفاجأة تقول: "أثناء مشاركتي في حفل تكريم لشيف
لبناني يعمل على قضايا إنسانية، في ذلك الوقت تفاجأت بطلب تحضير الكبة المشوية ونوع آخر من الكبة، لأربعة أشخاص بشكل خاص لم أتعرف إليهم حينها، لاكتشف وقتها أنها ملكة
هولندا، التي أبدت إعجابها بالأطباق ومنحتني دافعاً وإحساساً بأن أكمل الطريق".
كل
شيء كان أصله سوريا وأمها

حكت زينة، أنها ولدت في منزل شيخ
التجار في حلب، حيث كان يعمل والدها في تجارة التوابل، فكبرت على روائح القرفة
والزنجبيل، تعلمت من جدتها لأمها الكثير عن المطبخ، عندما كنت تقضي برفقتها معظم
أيام الصيف مما زاد من شغفها لهذا العالم، لكن بقيت أمها هي مرجعها الأساسي في
الطهي، مازلت تتصل بها لتسألها إن وجدت صعوبة في إعداد بعض الأطباق.
كيف
أصبح الطبخ مسئولية وطنية؟

شعرت
زينة بمسئولية تجاه تقديم المطبخ السوري بطريقة صحيحة فهو من أغنى وأعرق المطابخ
في الوطن العربي، في الوقت نفسه كانت تشعر بالمسئولية تجاه كونها تتعامل مع أشخاص
من ثقافات مختلفة عن ثقافتنا كعرب، لكنها حرصت على نقل التوابل الحلبية بطريقة
أكثر عصرية، وفي عام 2018 نشرت كتاباً عن الطبخ الذي حصلت فيه على جائزة رئيس
الوزراء الهولندي مارك روته.
تطوع
وتكريم

ومع
نجاحات مستمرة، لم تنس اللاجئين التي هي في الأصل منهم، فتطوعت في مشفى "AMC" تحت إشراف بلدية أمستردام، حيث تطبخ هناك كل شهرين لتحقيق الاندماج بين اللاجئين والهولنديين، وربما لهذا أيضًا حصلت على جائزة "أفضل شركة في هولندا"
لعام 2019، عن شركتها "مبطخ زينة"، التي تقدمها مجلة هولندية تعنى بشؤون
المرأة في فئة "رواد الأعمال"، ومن يومها ذاع صيت زينة كإحدى سفراء سوريا
في هذا البلد الأوروبي الذي صار منبهرًا
بكل ما تقدمه إما في معارض هولندا الدولية، أو من الموائد الذي تعدها للمؤتمرات الهامة
الدولية أيضًا.