ما إن تهل الأخبار بقدوم مولود جديد، إلا ونسرع لزيارة الأم لاحتساء مشروب الولادة الأول، والراعي الرسمي لصحة الأم والمولود، وهو المُغات، ولكن هل تساءلت نفسك وأنت تمسك بكوب المغات عن أصله وفصله وسر تقديمه للأم حديثة الولادة، تعالى لنغوص معًا في أصل هذا الشراب وهذه العادة التي تغلغلت دون معرفة السبب في حياتنا.
مكونات مشروب المغات
الوصفة الشعبية للمُغات معروفة ولم تتغير حتى يومنا هذا، وهو مكون من 2 ملعقة كبيرة من السمن، و2 ملعقة كبيرة من السكر، و2 ملعقة صغيرة من السمسم، وطبعُا الحلبة المطحونة مع المكسرات، ومن المعروف عن الحلبة قدرتها الهائلة على تحفيز غدد الرضاعة لدى النساء، وفقًا للدراسات العلمي.
المغات في أصل نبتة
ما لا نعرفه نحن أن المُغات هو نبات عشبي معمر تُستعمل منه فقط جذوره وتختلف أحجام الجذور وأشكالها، حيث تُجمع ثم تُقشر وتُنظف وتُقطع على هيئة قطع صغيرة، ثم تُجفف في مكان نظيف معرض للشمس والهواء مع التقليب من حين لآخر، ويصل طوله إلى حوالي 70 سم وقطره إلى 8 سم.
ولكن مع ارتفاع أسعار المغات، بدأ الناس باستبدال بمسحوق الحلبة المطحون، حتى نسينا أن المغات أصله عشبة ذات شخصية متفردة.
مشروب المغات في الطب الشعبي القديم
العجيب في الأمر أن هذه المشروب الدسم ذو الرائحة القوية والمذاق الفريد، لا يقدم فقط للضيوف، بل للأم المرضعة، أو الأم في فترة النفاس، وفي كتاب الطب المصري القديم للدكتور حسين كمال، الذي يحكي فيه عن عادات المصريين في الطب البديل، ويقول بإن الداية عند السيدات كانت طبيبة النسا العلمية والتي سميت بأسم "الحكيمة"، كان لها شأن، ووضع خاص عند السيدات يسمع رأيها ويأخذ مشوراتها، وكان هناك حكيمة تدعي الداية زينب أم فرج أو الحكيمة، وكانت أول من نصحت السيدات بتقديم المغات للام المرضعة لإدرار الحليب واستعادة قوتها، وكان المغات مشروب شائع قديما يستخدم في الشتاء لتدفئة الجسم والمساعدة على النوم الهاديء.
وتشيع بعد ذلك تقديمه للضيوف كنوع من المشاركة الوجدانية لها، وأصبحت عادة مرتبطة بمراسم الاحتفال بالولادة.
الأكلات الدسمة والأم الحامل
تقديم الأكلات الدسمة الاسم التي ولدت حديثا عادة منتشرة في كل الثقافات وليست الثقافة العربية فقط، ففي قبائل أفريقيا يقدم للأم المرضعة مشروب الأرز المغلي بالموز ومشروب الكاسافا حتى تستعيد قوتها ونشاطها بعد الولادة.
