تراجع صادم لأرباح دومتي بنسبة 93%: أزمة هيكلية أم شكاوى عملاء؟

تُعد شركة "دومتي" واحدة من أبرز الشركات الرائدة في قطاع الأغذية والمشروبات في السوق المصري، وتتمتع بشهرة واسعة بفضل منتجاتها المتنوعة من الأجبان والعصائر والمخبوزات. ومع ذلك، لم تسلم الشركة من التحديات التي تواجهها الشركات الكبرى، والتي تتنوع بين مشاكل مباشرة مع المستهلكين وأزمات اقتصادية وهيكلية عميقة تهدد استقرارها. هذا التقرير يستعرض أبرز هذه المشاكل، مع التركيز على أحدث التطورات التي شهدتها الشركة في الفترة الأخيرة، والتي ألقت بظلالها على أدائها المالي وسمعتها في السوق.

الارتفاع الصادم في الأسعار يثير غضب المستهلكين

أحد أكثر المشاكل المباشرة التي أثارت استياء العملاء مؤخراً هو الارتفاع المستمر في أسعار منتجات "دومتي". في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة وارتفاع معدلات التضخم في مصر، أصبحت قرارات رفع الأسعار محل انتقاد واسع من المستهلكين الذين يعتبرون منتجات الشركة جزءاً أساسياً من سلتهم الغذائية اليومية. هذا الارتفاع المتكرر، والذي تبرره الشركة بزيادة تكاليف الإنتاج والخامات، يضع المستهلك أمام خيارات صعبة، مما قد يدفعه للبحث عن بدائل أرخص من المنافسين.
وعلى الرغم من أن ارتفاع الأسعار ظاهرة عامة في السوق المصري، إلا أن حساسية المستهلك تجاه علامة تجارية موثوقة مثل "دومتي" تكون أكبر، وتؤدي إلى شعور بخسارة القيمة مقابل السعر المدفوع.

تراجع حاد في الأرباح.. مؤشر على أزمة داخلية

كشفت القوائم المالية الأخيرة لشركة "دومتي" عن تراجع "صادم" في أرباحها، حيث وصلت نسبة التراجع إلى 93% مقارنة بالعام الماضي. ووفقاً لتصريحات الإدارة، فإن هذا التراجع يعود لثلاثة محاور أساسية:
إعادة الهيكلة الإدارية: قامت الشركة بعملية فصل كامل بين قطاعي المخبوزات والأجبان والعصائر، مما أدى إلى التخارج من العديد من الموزعين المشتركين وتقليل الكميات المباعة بشكل مؤقت.
زيادة المصروفات التسويقية: واجهت "دومتي" منافسة شرسة في السوق، مما دفعها لمضاعفة نفقاتها التسويقية والدعائية بشكل كبير للدفاع عن مكانتها، وهو ما أثر بشكل مباشر على صافي الأرباح.
تغيير سياسة البيع: تحولت الشركة إلى سياسة البيع النقدي في قطاعي التجزئة والجملة لتقليل مديونياتها، وهو قرار أخذ بعض الوقت والمقاومة من أجل تطبيقه، مما أثر على حجم المبيعات على المدى القصير.
هذه التحديات الداخلية تعكس ضغوطاً كبيرة على الشركة لتحسين أدائها المالي واستعادة معدلات الربحية المعهودة، مما يضعها أمام اختبار حقيقي لقدرتها على التكيف مع المتغيرات الاقتصادية الحالية.

تحديات خارجية: دعم الصادرات والمنافسة الدولية

إلى جانب مشاكلها الداخلية، تواجه "دومتي" تحديات خارجية مرتبطة بقرارات حكومية أثرت على القطاع بأكمله. حيث أثارت الشركة قلقاً كبيراً بسبب قرار حكومي بخفض مخصصات دعم الصادرات من 10% إلى 3% فقط.
ما هي أهمية هذا القرار؟ خفض دعم الصادرات يعني أن الشركات المصرية مثل "دومتي" ستفقد جزءاً كبيراً من ميزتها التنافسية في الأسواق الخارجية مقارنة بدول مثل تركيا التي تقدم دعماً تصديرياً أكبر لمصنعيها. هذا القرار قد يؤدي إلى:
صعوبة المنافسة: سيجعل من الصعب على الشركة بيع منتجاتها بأسعار تنافسية في الخارج.
تراجع حجم الصادرات: قد تضطر الشركة إلى تقليل حجم إنتاجها الموجه للتصدير، مما يؤثر على إيراداتها من العملات الأجنبية.
بالإضافة إلى ذلك، لا تزال الشركة تعاني من تذبذب أسعار الخامات عالمياً وندرة العملة الأجنبية، وهي مشاكل تؤثر على سلسلة التوريد وتكاليف الإنتاج بشكل مباشر.