يشهد سوق الشاي في مصر تغيرًا لافتًا في خريطة المنافسة خلال الفترة الأخيرة، مدفوعًا بجملة من العوامل الاقتصادية والاجتماعية، على رأسها حملات المقاطعة الشعبية التي طالت عددًا من العلامات التجارية الأجنبية.
وقد أدى هذا التحول إلى انتعاش ملحوظ في مبيعات عدد من العلامات المحلية والعربية، وعلى رأسها شاي "الكبوس" و"العروسة"، اللتين استفادتا بشكل مباشر من إعادة هيكلة الحصة السوقية لصالح المنتجات الوطنية.
تسعى الشركات المحلية إلى استثمار هذا الزخم من خلال استراتيجيات توسعية واضحة، تشمل زيادة خطوط الإنتاج، والدخول في فئات جديدة مثل الشاي الأخضر، فشركة "الكبوس" مثلًا تنتج قرابة 20 ألف طن سنويًا وتستهدف نموًا بنسبة 10% في إنتاجها خلال 2025، فضلًا عن خطط لزيادة صادراتها بنسبة 15%، وكذلك تسعى شركة "العروسة" إلى تحقيق نمو في مبيعاتها يتراوح بين 15% و20% مدفوعة بزيادة الطلب من الأفراد والمقاهي والقطاع الفندقي، وهو ما يعكس توجهًا أوسع لدى المستهلك المصري لدعم المنتجات المحلية ذات الجودة.
إلى جانب "الكبوس" و"العروسة"، تضم السوق المصرية عددًا من الشركات المحلية الرائدة مثل "شاي الجوهرة"، "شاي العصاري"، "شاي كايرو"، إلى جانب شركات كبرى مثل "الشركة العربية لحفظ وتصنيع الحاصلات الزراعية"، و"شركة كراون للصناعات الغذائية"، و"شاي لبتون"، و"شاي الوردة".
وتلعب هذه الشركات دورًا حيويًا في تعزيز تنوع المنتجات وتلبية احتياجات مختلف الشرائح الاستهلاكية، مما يعزز من تنافسية السوق ويحفز على الابتكار والتطوير.
لكن على الجانب الآخر، تواجه بعض الشركات تحديات تعرقل نموها، خاصة تلك التي تعتمد على استيراد المادة الخام أو التعبئة تحت علامات أجنبية. من أبرز هذه الأسماء "ليبتون" و"تويننجز" و"أحمد تي"، والتي تأثرت بشكل غير مباشر بحملات المقاطعة التي حدّت من انتشار المنتجات المرتبطة بعلامات عالمية لدى شرائح واسعة من المستهلكين، كما أدى ضعف التكيف مع متطلبات السوق المحلي إلى تقليل فرصها في المنافسة، ما جعلها تفقد جزءًا من حصتها لصالح العلامات المحلية التي تستثمر في التوزيع والتسويق بشكل أفضل.
المشهد العام يكشف عن سوق في طور إعادة التشكل، تعاد فيه صياغة الولاء الاستهلاكي بناءً على معايير جديدة تتجاوز الجودة إلى الأبعاد القيمية والوطنية، وبينما تترسخ مكانة الشاي المحلي مثل "الكبوس" و"العروسة"، تجد العلامات الأجنبية نفسها مطالبة بإعادة النظر في آليات تسويقها وربما إنتاجها داخل مصر، حتى تستعيد مكانتها في سوق يزداد وعيه وتغير سلوك مستهلكيه بشكل ملموس.