أعلنت شركة جهينه للصناعات الغذائية، إحدى أبرز الشركات العاملة في قطاع الأغذية والمشروبات في السوق المصري، عن تنظيم جلسة مزاد علني اليوم الأحد الموافق 25 مايو، لبيع مصنعها الكائن بمدينة السادس من أكتوبر – المنطقة الصناعية الأولى – القطع أرقام (38/39/40)، وذلك في مقر شركة "كولد ويل بانكر" الرئيسي بشارع كورنيش النيل.
ووفقًا للإفصاح الرسمي المرسل إلى البورصة المصرية، فإن المصنع البالغ مساحته الإجمالية نحو 15,140 مترًا مربعًا، متوقف عن العمل منذ فترة، كما أنه خالٍ من المعدات أو خطوط الإنتاج، ما يعني أنه بات عبئًا على ميزانية التشغيل دون تحقيق أي قيمة مضافة للشركة.
وقد فوضت "جهينه" أعضاء لجنة المزاد لتمثيلها في عملية البيع، مع التأكيد على اتباع الإجراءات التي تكفل تحقيق أعلى سعر ممكن، في محاولة لتعظيم العائد من عملية التخلص من هذا الأصل غير المُشغل.
خطوة استراتيجية أم إجراء تصفوي؟
تثير الخطوة عدة تساؤلات حول توجهات الشركة خلال الفترة المقبلة، خاصة في ظل التحديات التي تواجه القطاع الصناعي في مصر، من ارتفاع تكاليف التشغيل وأسعار الطاقة، إلى تقلبات العملة ومعدلات التضخم المرتفعة.
وتُعد عملية بيع المصنع – على الرغم من توقفه – علامة على تحرك استراتيجي من الشركة نحو إعادة هيكلة أصولها، والتركيز على المواقع الأكثر إنتاجية وربحية، فالشركات الكبرى غالبًا ما تلجأ إلى التخلص من الأصول غير المُشغلة لتقليص التكاليف الثابتة، وتحسين مؤشرات الكفاءة والربحية.
إلا أن غياب أي إعلان موازٍ عن استخدام حصيلة البيع في التوسع أو إنشاء خطوط إنتاج جديدة، يفتح الباب أمام تأويلات أخرى، تتعلق بتقليص النشاط أو الحفاظ على السيولة في ظل ضغوط السوق.
تاريخ المصنع ودلالات التوقف
لم تصدر "جهينه" بيانًا تفصيليًا عن أسباب توقف المصنع عن العمل، إلا أن مصادر بسوق الغذاء والصناعة تشير إلى أن المصنع كان قديمًا ولم يتم تطويره بما يتماشى مع معايير التشغيل الحديثة، كما أن نقل التركيز الإنتاجي إلى مصانع أكثر تطورًا في نفس المنطقة الصناعية كان قرارًا استراتيجيًا منذ سنوات.
وتأتي هذه الخطوة بعد سلسلة من الإجراءات التي اتخذتها جهينه في الأعوام الماضية لترشيد نفقاتها وتحديث بنيتها التحتية، وسط منافسة شرسة في سوق الأغذية والمشروبات، خاصة مع دخول شركات إقليمية جديدة وتغير سلوك المستهلك المصري نتيجة للأوضاع الاقتصادية.
رد فعل السوق والمستثمرين
خبراء يتوقعون أن يتم تقييم هذه الخطوة بناءً على السعر النهائي الذي سيحققه المزاد، إضافة إلى ما إذا كانت "جهينه" ستعلن لاحقًا عن خطة لإعادة توظيف هذه السيولة في مشروعات توسعية أو تحسين الأداء التشغيلي.
وفي هذا السياق، يقول محمد أحمد محلل مالى، إن "عملية البيع لا تعني بالضرورة انسحابًا أو ضعفًا، بل قد تكون مؤشرًا على حوكمة أفضل للموارد وإدارة أكثر كفاءة للأصول، بشرط أن تقترن بخطة واضحة لتوظيف العائدات."
جهينه في مشهد السوق
تُعد "جهينه" واحدة من الشركات الرائدة في مجال الألبان والعصائر والمشروبات، ونجحت على مدار سنوات في بناء علامة تجارية قوية، رغم تعرضها لبعض الهزات المؤقتة، سواء لأسباب اقتصادية أو إدارية.
ومع تزايد المنافسة وارتفاع التكاليف، تظل الشركة مطالبة بإعادة صياغة استراتيجيتها بما يضمن التوازن بين التوسع الإنتاجي والضبط المالي، وهو ما يجعل من عملية البيع الحالية اختبارًا حقيقيًا لمرونتها وقدرتها على التكيّف مع المتغيرات.