في إطار مشروع قومي يستهدف تحقيق الاكتفاء الذاتي من البذور الزراعية، تشهد مصر خطوات ملموسة نحو توطين صناعة التقاوي عبر مفاوضات جارية مع عدد من الشركات الأوروبية المتخصصة، خاصة من فرنسا وإيطاليا، بهدف إنشاء مشروعات إنتاج محلي لتقاوي الخضر.
وتركّز الخطة الوطنية على إنتاج تقاوي مقاومة للآفات والتغيرات المناخية، بما يتوافق مع احتياجات البيئة المصرية ويُعزز من كفاءة الإنتاج الزراعي. وتُعد هذه التوجهات استجابة مباشرة لحجم الفجوة الكبيرة في السوق، حيث كانت مصر تستورد أكثر من 98% من تقاوي الخضر والفاكهة، بتكلفة سنوية تقدر بنحو 7 مليارات جنيه.

ومن أبرز محاور البرنامج القومي الذي انطلق عام 2020، التعاون مع شركة "ساتيفا" الإيطالية لإنتاج هجن محلية من محاصيل رئيسية مثل الطماطم والفلفل والخيار. وقد أثمرت هذه الجهود عن تسجيل واستنباط أكثر من 30 صنفًا وهجينًا لـ12 محصولًا أساسيًا، بينها الباذنجان، البسلة، الكوسة، البطيخ، الكنتالوب، إضافة إلى النباتات الطبية والعطرية مثل الكمون والكراويا.
كما تمكّن البرنامج مؤخرًا من تطوير 8 أصناف جديدة من تقاوي الطماطم، في مسعى لتقليص فاتورة استيراد تقاوي أربعة محاصيل رئيسية تتجاوز وارداتها سنويًا 5 مليارات جنيه.
وتتضمن الاستراتيجية الحكومية دعم الشراكات بين القطاعين العام والخاص، وتوفير التسهيلات اللازمة للباحثين والمستثمرين في مجال الزراعة، بما في ذلك الأراضي المخصصة للزراعة التعاقدية، والتراخيص، والدعم الفني.
على صعيد متصل، تواصل الدولة دعمها الواسع لمزارعي القمح، حيث بلغت المساحات المزروعة هذا الموسم نحو 3.14 مليون فدان، بإجمالي توريد تجاوز 3.7 مليون طن حتى الآن. ويُعتبر القمح أحد أهم المحاصيل الاستراتيجية التي تدخل في إنتاج الخبز المدعوم، وتُعوّل عليه الدولة بشكل كبير في تعزيز الأمن الغذائي وتقليل الاستيراد.
تأتي هذه الجهود في ظل ظروف مناخية واقتصادية معقدة عالميًا، ما يجعل من توطين إنتاج التقاوي وزيادة الإنتاج المحلي من الحبوب ضرورة وطنية لا تقبل التأجيل.