leftlogo

كيف قلبت الطماطم المطابخ رأسًا على عقب؟

رحلة البندورة: من جبال الأنديز إلى قلوب المطابخ العالمية

A A A
رحلة البندورة: من جبال الأنديز إلى قلوب المطابخ العالمية
رحلة البندورة: من جبال الأنديز إلى قلوب المطابخ العالمية
عندما نتحدث عن تاريخ اكتشاف "البندورة" الطماطم، نجد أنه يحمل في طياته قصة مشوقة ومفاجآت مدهشة، فقد كانت الطماطم تاريخيًا جزءًا أساسيًا من الثقافة والتاريخ لأمريكا اللاتينية قديمًا تحديدًا في جبال الأنديز، وقد مرت برحلة طويلة ومليئة بالمغامرات قبل أن تنتشر في جميع أنحاء العالم.

تعود أصول الطماطم إلى أمريكا الوسطى والجنوبية، حيث كانت تزرع وتستخدم منذ آلاف السنين من قبل السكان الأصليين، ويعتقد العلماء أن الطماطم البرية كانت تنمو في المكسيك وأندية أمريكا الوسطى وجبال الأنديز، وكانت تعتبر أحد النباتات المهمة في ثقافة الحضارات المايا والأزتيك.

ووصلت الطماطم لأول مرة إلى إشبيلية، التي كانت واحدة من المراكز الرئيسية للتجارة الدولية، خاصة مع إيطاليا، في عام 1544م على وجه التحديد، قدَّم المعالج الإيطالي (ماتيولي) معرفته إلى إيطاليا ("مالا أوريا"، فيما بعد "بومودورو").

ولكن الأمر لم يكن سهلاً في البداية، فقد كانت الطماطم تُعتبر في أوروبا نباتًا سامًا وغير صالح للأكل، وذلك بسبب احتواء الطماطم على مركب يسمى السولانين، والذي يعتبر سامًا في تركيزات عالية، وعلاوة على ذلك، كان شكل الطماطم الغريب ولونها الأحمر الزاهي يثير الشكوك والتوتر لدى الناس.

رحلة الطماطم في بلاد الشام ومنطقة الشرق الأوسط: من الأزتيك إلى المطابخ العالمية

قصة الطماطم في بلاد الشام ومنطقة الشرق الأوسط تعود إلى القرن التاسع عشر عندما دخلت هذه النبتة إلى المنطقة عبر قنصل بريطانيا في حلب، جون باركر، وتم انتشار زراعة الطماطم في تركيا، بلاد الشام، ومصر، في العام 1881، أصبحت الطماطم جزءًا من تغذية الناس في المنطقة لمدة حوالي 40 سنة فقط.

كانت هناك أنواع من الطماطم في العراق وبلاد الشام على شكل نبات زينة، وكان المزارعون يخافون من تناول ثمارها لأنها كانت معروفة بسميتها، وكانت ثمارها صغيرة الحجم، وتعتبر الطماطم جزءًا من أصناف العالم الجديد (أمريكا).

بدأت الطماطم أيضًا في الانتشار في إيران من خلال تركيا وأرمينيا، وكانت تسمى الباذنجان الأرمني "Armani Badenjan" كما تم نقلها إلى إيران عن طريق العائلة الملكية "كاجار" من خلال فرنسا. وتعرف الطماطم الآن في إيران بالاسم المحلي "خوخ الأجنبي" أو "Gojeh Farangi".

في مراحلها الأولى كنبتة مزروعة، كانت الطماطم تظهر على شكل فاكهة صفراء صغيرة تشبه طماطم الكرز، ونمت هذه الطماطم بأيدي الأزتيك في المكسيك، وتعود كلمة "طماطم" إلى الكلمة الناوتيلية "tomatl" التي تعني حرفيًا "ثمرة مورمة"، وربما كان هرنان كورتيس، المستكشف الإسباني، أول من قام بنقل الطماطم الصغيرة الصفراء إلى أوروبا بعد أن احتل مدينة الأزتيك، تينوتشتيتلان.

تعتبر الطماطم من أصناف النباتات المتعددة، ويعتقد أن الأصناف المزروعة تنحدر من سلالات الطماطم ذات الثمار الصغير السامة، وتم تطوير العديد من الأصناف المختلفة من الطماطم على مر العصور، وتشمل الأصناف التقليدية والهجينة، وتعتبر الطماطم الحمراء الكبيرة الأكثر شيوعًا في العالم، ولكن هناك أيضًا أصناف أخرى تأتي بألوان وأحجام مختلفة.

ومع مرور الوقت، بدأ الناس يدركون فوائد الطماطم وجودتها الغذائية، وتم تطوير عدة أصناف من الطماطم عبر الزراعة المنتقاة، مما أدى إلى تحسين طعمها ومظهرها وجودتها العامة، وبدأت تنتشر زراعة الطماطم في العديد من البلدان حول العالم، وأصبحت جزءًا لا يتجزأ من المطبخ العالمي.

اليوم، تعتبر الطماطم واحدة من الخضروات الأكثر شعبية واستخدامًا في جميع أنحاء العالم. فهي تستخدم في السلطات والصلصات والأطباق الرئيسية والسندويشات والعديد من الوصفات الأخرى، كما أن للطماطم فوائد صحية عديدة، حيث تحتوي على العديد من الفيتامينات والمعادن والألياف الغذائية التي تعزز الصحة العامة وتقلل من مخاطر الأمراض.

على الرغم من أن الطماطم تعتبر من الخضروات نظرًا لاستخداماتها المختلفة في الطهي، إلا أنها في الواقع فاكهة تنتمي إلى عائلة البطاطس، والفلفل، والباذنجان.

 فوائد الطماطم: أكثر من مجرد مكون في الطهي

عند الحديث عن الطماطم، يتبادر إلى الذهن فورًا الصلصات والسلطات والشوربات، ومع ذلك فإن استخدامات الطماطم لا تقتصر على هذه الأطباق التقليدية فحسب، بل إنها تمتد إلى مجموعة واسعة من الاستخدامات الأخرى في المطبخ وفي المجالات الصحية.

1. المكون الأساسي في العديد من الوصفات: تُستخدم الطماطم كمكون رئيسي في العديد من الوصفات اللذيذة، يمكن استخدامها لصنع صلصات الباستا، والبيتزا، والشوربات، والسلطات، والمرق، والمخللات، والمربى، والعديد من الأطباق الأخرى، وتضفي الطماطم نكهة طازجة وحمضية على الأطباق، مما يعزز تجربة تناول الطعام.

2. مصدر غني بالمغذيات: تحتوي الطماطم على مجموعة واسعة من العناصر الغذائية المهمة. فهي مصدر جيد لفيتامين C، وفيتامين A، والبوتاسيوم، ومضادات الأكسدة، مثل ليكوبين، وقد أظهرت الأبحاث أن ليكوبين يلعب دورًا هامًا في الوقاية من بعض أنواع السرطانات، وخاصة سرطان البروستاتا، بالإضافة إلى ذلك فإن الطماطم تحتوي أيضًا على الألياف الغذائية التي تعزز صحة الهضم وتساهم في تقليل مستويات الكولسترول الضار في الجسم.

3. رعاية البشرة: تحتوي الطماطم على مضادات أكسدة تساعد في حماية البشرة من الأضرار الناجمة عن الشمس والعوامل البيئية الضارة، ويمكن استخدام عصير الطماطم أو معجون الطماطم كقناع طبيعي للوجه لتنظيف البشرة وتفتيحها وتوحيد لونها، كما يمكن استخدام الطماطم لعلاج حروق الشمس الطفيفة، حيث تهدئ البشرة وتعزز عملية التئامها.

4. تنقية الشعر: يعتبر عصير الطماطم مفيدًا لصحة الشعر. يحتوي على فيتامين A وفيتامين ك، وهما مهمان للحفاظ على صحة فروة الرأس وتعزيز نمو الشعر، ويمكن استخدام عصير الطماطم لتنظيف فروة الرأس وتقوية الشعر وتحسين مظهره العام.

5. العناية بالعينين: يحتوي عصير الطماطم على مضادات أكسدة قوية مثل فيتامين C ولوتين، والتي تعزز صحة العينين وتحميهما من التلف الناجم عن العوامل البيئية والشيخوخة، ويمكن وضع شرائح الطماطم الطازجة على العينين لتهدئة الانتفاخ والهالات السوداء وتحسين مظهر البشرة حول العين.

6. الاستخدامات العلاجية: تستخدم الطماطم في بعض الأطباق العلاجية التقليدية، مثل الطب الشعبي، ويعتقد أن الطماطم تساعد في تخفيف أعراض بعض الحالات الصحية مثل الروماتيزم والتهاب المفاصل وارتفاع ضغط الدم.

تحولات في زراعة الطماطم: تحديات المناخ وابتكارات مستقبلية

زراعة الطماطم في الهواء الطلق تتم غالبًا في مناطق تقع بين خطي العرض الثلاثين والأربعين، وتتطلب تربة ذات حموضة معتدلة تتراوح بين 6 و6.5 درجات pH يتم زراعة الطماطم في ظروف الرطوبة المثلى في دفيئات تتراوح بين 60 و80٪.

لكن مع انتشار الطماطم على مستوى العالم، تغيرت الأمور، خاصة فيما يتعلق بالظروف المناخية والبيئية، وفقًا لمقال نشرته هيئة الإذاعة البريطانية (BBC) في ديسمبر 2021، أصبحت بعض المناطق التي كانت تُستخدم تقليديًا لزراعة الطماطم جافة وأكثر حرارة مما كان متوقعًا، ويُشار إلى أن نقص المياه يعتبر تحديًا كبيرًا، حيث يؤدي إلى استخدام الماء العالي الملوحة في بعض المناطق، مما يؤدي إلى مشكلة التملُّح المركَّز.

تتنوع التحديات التي يواجهها المزارعون اليوم، وتتوقع أن تتفاقم مع مرور الوقت، وزيادة عدد سكان العالم واستمرار تزايد الطلب على الطعام تعتبر تحديات إضافية، وقطع الغابات لإنشاء مزارع جديدة تعتبر من المشكلات البيئية الكبرى، ومع التغيرات المناخية المستمرة، سيتسبب ذلك في مزيد من التحديات، في بلدان باردة، ستتم قطع الأشجار لإنشاء مزارع جديدة، في حين أن المناطق التي أصبحت جافة اليوم قد تتحول إلى صحاري، وإن هذه التحديات تشكل تحديات جادة تتطلب استراتيجيات زراعية جديدة وتكنولوجيا مستدامة للتغلب على تأثيراتها وضمان استمرارية إنتاج الطماطم في مستقبل متغير.

"تقنية كريسبر في خدمة المستقبل الزراعي: حلاً فعّالاً لتحديات التغير المناخي"

تعديل الجينات يظهر كحلاً للتحديات الزراعية المتزايدة في ظل التغيرات المناخية، بالنظر إلى تطور الظروف الجوية القاسية، مثل الحرارة الشديدة والصقيع والعواصف القوية، يتعرض المحصول للخطر، حتى في المناطق التي قد تصبح أكثر ملاءمة للزراعة، يمكن أن تؤدي هذه الظروف الجوية المتقلبة إلى تلف المحاصيل.

في هذا السياق، تقدم تقنية التعديل الجيني باستخدام تقنية "كريسبر" حلاً فعّالًا، وتعتبر تقنية "كريسبر" أداة "نسخ ولصق" للجينات، حيث يمكن للعلماء إضافة جينات مفيدة أو حتى حذف جينات ضارة من الجينوم في النباتات، ويمكن توجيه هذه التقنية لتحسين مقاومة المحاصيل للجفاف، وزيادة قدرتها على التحمل لظروف التربة الملوحة، وتعزيز مقاومتها للظروف المناخية المتقلبة.

تقدم تقنية "كريسبر" أيضًا إمكانية تحسين التنوع الجيني للمحاصيل، وذلك من خلال تدجين "نوڤو"، ويتيح هذا النهج إدراج جينات من محاصيل معدلة جينياً في الأصل في محاصيلها البرية ذات الصلة، مما يعزز التنوع الوراثي ويساهم في تطوير محاصيل أكثر قوة ومرونة.

مع أن هناك تحديات متعلقة بقبول المنتجات المعدلة جينياً من قبل الجمهور، إلا أن تقنية "كريسبر" تظهر كأداة دقيقة ومتقدمة، تقلل من الآثار الجانبية وتساهم في تقديم حلول فعّالة لتحسين المحاصيل.

_6804329c-4569-4073-8019-ced83cd24ef6

advertisement

All rights reserved. food today eg © 2022