في رحلة بحثاً عن الحظ، ترك الشقيقان ريتشارد وموريس ماكدونالد ديارهما في نيو إنجلاند متجهين إلى كاليفورنيا.
بعد تجارب فاشلة في عالم السينما، قررا في عام 1948 خوض مغامرة جديدة، فأسسا مطعماً صغيراً يقدم وجبات سريعة بأسعار زهيدة.
لم يكن هذا المطعم مجرد مشروع تجاري، بل كان بمثابة حلم أمريكي بتحقيق النجاح من خلال العمل الجاد والابتكار.
وكانت المعدات المستخدمة في المطعم تم شراؤها من "راي كروك"، وهو كان يعمل حينها موظفا للمبيعات، وزار عام 1954 المطعم من أجل إمكانية بيع آلات للحليب المخفوق.
بعد أن نجح الأخوان ماكدونالد في تقديم برجر لذيذ وبسعر منافس، أي 15 سنتاً فقط.
أدرك كروك أن سر نجاح ماكدونالدز يكمن في سرعة الخدمة والسعر المنخفض، بالإضافة إلى جودة المنتج.
رأى كروك في ماكدونالدز فرصة ذهبية، فاقترح على الأخوان ماكدونالد فكرة "الفرانشايز" لتوسيع المطعم.
وبالفعل، تم افتتاح أول فرع "فرانشايز" في إلينوي عام 1955، وفي نفس العام تأسست شركة ماكدونالدز كوربوريشن.
استحوذ كروك لاحقاً على حقوق الأخوان ماكدونالد في عام 1961، وبدأ في توسيع الإمبراطورية بشكل هائل.
نمو متسارع
بفضل نموذج "الفرانشايز" الناجح، تجاوز عدد فروع ماكدونالدز ألف فرع بنهاية الستينيات.
هذا النمو الهائل دفع الشركة إلى طرح أسهمها للاكتتاب العام في البورصة الأمريكية عام 1965.
هوية تجارية
ولتثبيت هوية ماكدونالدز في أذهان المستهلكين، تم تصميم شعار الشركة الشهير على شكل حرف "M" عام 1962، كما ظهر شخصية رونالد ماكدونالد المهرج في عام 1963 ليكون الوجه المبتسم للعلامة التجارية.
لم تتوقف ماكدونالدز عن تقديم الابتكارات، فبعد النجاح الكبير الذي حققه البرجر، أطلقت الشركة سلسلة من المنتجات التي أصبحت أيقونات عالمية.
ففي عام 1968، ظهر البيج ماك، وفي عام 1973 انضم الإج ماك مافن إلى القائمة، تلاه الهابي ميلز الشهير عام 1979، ثم تشيكن ماك ناجتس في عام 1983. هذه المنتجات، إلى جانب البرجر التقليدي، ساهمت في ترسيخ مكانة ماكدونالدز كوجهة رئيسية للعائلات.
توسع عالمي
مع كل منتج جديد، توسعت شعبية ماكدونالدز وانتشر اسمها في جميع أنحاء العالم.
بدأت الشركة بالتوسع خارج الولايات المتحدة، فافتتحت أول فروعها في كندا عام 1967.
بحلول عام 1988، وصل عدد فروع ماكدونالدز إلى عشرة آلاف فرع، وفي بداية القرن الحادي والعشرين تجاوز هذا العدد 35 ألف فرع موزعة في أكثر من 100 دولة.
خلال التسعينيات، شهدت ماكدونالدز نمواً متسارعاً غير مسبوق.
ففي ذلك العقد، قيل إن الشركة كانت تفتتح فرعاً جديداً كل خمس ساعات.
وسرعان ما أصبحت ماكدونالدز الوجهة المفضلة للعائلات، حيث ركزت على تقديم وجبات متنوعة ومناسبة لجميع الأعمار، مع التركيز على الأسعار المعقولة.
في محاولة لتوسيع نطاق أعمالها وتلبية تفضيلات المستهلكين المتغيرة، دخلت ماكدونالدز في سلسلة من الاستحواذات خلال أواخر القرن العشرين.
ففي عام 1988، استحوذت الشركة على حصة في "شيبوتل ميكسيكان جريل"، متجهة بذلك إلى عالم المطبخ المكسيكي.
وفي العام 1999، وسعت نطاقها لتشمل عالم الحلويات من خلال الاستحواذ على "دوناتز بيتزل"، وفي العام التالي، استحوذت على "بوسطن ماركت".
التركيز على الأسواق المحلية والمنتجات
لم يقتصر اهتمام ماكدونالدز على الأسواق الأمريكية، ففي عام 1999، استحوذت على "أروما كافيه" في المملكة المتحدة، كما أبدت اهتمامًا بشراء سلسلة مطاعم الشطائر الشهيرة "بريت إيه مانجر" في عام 2001.
ومع ذلك، وبحلول نهاية عام 2008، قررت ماكدونالدز التركيز على أعمالها الأساسية.
فبعد سلسلة من الاستحواذات، قررت الشركة التخلي عن حصصها في الشركات التي استحوذت عليها سابقًا.
ركزت ماكدونالدز بدلاً من ذلك على تعزيز وجودها في الأسواق العالمية، وتحسين منتجاتها الحالية، وطرح منتجات جديدة تلبي احتياجات المستهلكين المتطورة.
تحديات وصعوبات
على الرغم من النجاح الكبير الذي حققته ماكدونالدز، إلا أنها واجهت انتقادات متزايدة على مر السنين، خاصة فيما يتعلق بصحية منتجاتها.
فمع ارتفاع معدلات السمنة حول العالم، ربطت العديد من الدراسات بين تناول الوجبات السريعة، وخاصة تلك التي تقدمها ماكدونالدز، وبين زيادة الوزن والأمراض المرتبطة به.
كما أثارت الشركة الجدل حول استخدام المضادات الحيوية في منتجاتها الحيوانية، حيث انتقدت منظمات حماية المستهلك استخدام المضادات الحيوية البشرية في تربية الدجاج.
ومع ذلك، أعلنت ماكدونالدز وشركات أخرى تعمل في مجال الوجبات السريعة عن خطط للتخلص تدريجياً من استخدام هذه المضادات الحيوية.
جهود لتحسين الصورة والمنتجات
في محاولة للرد على هذه الانتقادات، أضافت ماكدونالدز خيارات أكثر صحة إلى قوائم طعامها، مثل البرجر النباتي الذي تم إطلاقه في عام 2017. كما التزمت الشركة باستخدام زيوت طهي غير مهدرجة.
حقوق العمال
إلى جانب القضايا الصحية، واجهت ماكدونالدز انتقادات بسبب معاملتها لعمالها.
نظم العديد من العاملين في فروع ماكدونالدز حول العالم إضرابات للمطالبة بزيادة الأجور وتحسين ظروف العمل.
استجابة لهذه الاحتجاجات، زادت الشركة الحد الأدنى للأجور لبعض العاملين في بعض الأسواق.